القائمة إغلاق

هل أنت في حرب أم مستريح؟ Are You Struggling Or Resting

يضخِّم بعض المؤمنين من موضوع الحرب الروحية بطريقة لا تتوافق مع كلمة الله. في الواقع، إن بعض الأمور التي تُعلَّم اليوم في جسد المسيح عن موضوع الحرب الروحية ودراسة الأرواح الشريرة ليست صحيحة. لهذا السبب سيكون لفائدتنا أن ندرس كلمة الله لنرى كيف نتعامل كتابيًا مع إبليس ومكائده.

يرتعب مؤمنون كثيرون إن تكلمت عن إبليس أو الشياطين أو الأرواح الشريرة أو تحدثت عن أنشطتهم. حتى أنه يبدو للكثيرين أنه من الأفضل لنا أن نتجنب ذكر إبليس أو الأرواح الشريرة. لكن إن لم تقدم للمؤمنين تعليمًا كتابيًا من كلمة الله عن الطريقة التي يتعاملون بها مع إبليس، فسيجد العدو حريته مظهرًا كل ألاعيبه في حياتهم لأنهم لا يعرفون سلطانهم الكتابي.

2 كورنثوس 2: 11

11 لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِينَا الشَّيْطَانُ، لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ.

نحتاج أن نعرف عدونا. فالكتاب المقدس يقول أننا لا نجهل خطط إبليس ومكائده. الشيطان لم يتغير البتة. فهو لا يزال ذات الشيطان القديم الذي أعتاد أن يكونه، ولا يزال يستخدم ذات الخطط التي استخدمها دائمًا. إنه ذات الشيطان الذي احتاج بولس أن يتعامل معه عندما كتب تلك الكلمات التي يقول فيها أننا لا نجهل مكائده. وإحدى حيله هي أن يقود الناس إلى المبالغات –حتى في موضوع الحرب الروحية– فيصبحوا غير مثمرين لملكوت الله.  لذا يبدو أنه من الصعب على جسد المسيح أن يلتزم بمنتصف الطريق في أي موضوع كتابي. فمؤمنون كثيرون ينحرفون إلى أحد جانبي الطريق. وفى كلا الحالتين، يصبحون غير فعَّالين؛ لأن المبالغات والتطرفات لا تثمر أبدًا لمجد الله.

في الواقع، إن أعظم عدو قد أضل الكنيسة –حتى في موضوع الحرب الروحية وما يتعلق بالأرواح الشريرة– هو التفكير والإيمان الخاطئ. فهذه هي البداية التي تفتح الباب لإبليس. فبعض المؤمنين يفكرون بطريقة خاطئة ويؤمنون بطريقة خاطئة فيما يتعلق بموضوع الحرب الروحية.. وهذا يقود جسد المسيح بعيدًا عن المسار الصحيح لكلمة الله.

إن التفكير الخاطئ والإيمان الخاطئ يقودان في النهاية إلى أفعال خاطئة. فعلى سبيل المثال، من ضمن الثمار التي أنتجها التفكير والإيمان الخاطئ في حياة بعض المؤمنين هي محاولتهم شن حرب على إبليس ليهدموا حصونه فوق المدن والأمم. لكننا نحتاج أن نفحص تلك الممارسات في ضوء كلمة الله لنرى إن كانت كتابية أم لا. نحتاج أن نعرف ما تقوله كلمة الله عن أي موضوع، ثم نفكر ونؤمن ونسلك وفقًا لكلمة الله. عندئذٍ سوف نحصل على نتائج كتابية.

بالطبع، توجد حرب روحية شرعية. فهي واحدة من المواضيع الكتابية التي يجب أن نهتم بها لأن كل واحد فينا لابد له أن يشترك في حرب روحية في وقت أو آخر في حياة إيمانه. فقبل كل شيء، لا يجب أن ننسى حقيقة أنه يوجد عدو متربص لنا، كما أننا جنود في جيش الرب. مع ذلك، فالبعض يأخذون هذه الحقائق نحو التطرف. فيفكرون قائلين: “حسن، إن أي جيش يحارب العدو حتى يهزمه. لذلك دعونا نحارب إبليس حتى نغلبه”.

لكن يسوع قد حارب إبليس بالفعل وأنتصر عليه. ما علينا سوى أن نثبت في كلمة الله ضد عدو مهزوم. فمع أننا في جيش الرب، إلا أنه جيش احتياطي. والجيش الاحتياطي ليس في معركة، بل يعزز من النصرة التي حققها بالفعل رئيس جيشنا؛ الرب يسوع المسيح. لهذا السبب لا ينبغي أن يعظِّم المؤمنين من المعركة، بل يعظموا من الانتصار.

الحرب والمعارك في الرسائل

يضخِّم البعض من موضوع الحرب الروحية إلى الدرجة التي تعتقد معها أنها الموضوع الوحيد الذي يعلِّمه الكتاب. لكنك سوف تجد أن الحرب الروحية الحقيقية هي شيء مختلف تمامًا عما يعتقده البعض. فعلى سبيل المثال، عندما تدرس العهد الجديد وبالأخص الرسائل، سيدهشك كم يندر استخدام كلمتي “حرب” أو “معركة”. كما يدهشك أيضًا أنه عندما تُستخدم كلمتي “حرب” أو “معركة” في الرسائل، فأنهما لا يأتيان أبدًا في الارتباط مع “إبليس” أو “الشيطان”. لذلك دعونا ننظر إلى المواضع التي ذُكرت فيها تلك الكلمات: “حرب” أو “معركة” في رسائل العهد الجديد، لأنها خطابات قد كُتبت لنا نحن جسد المسيح.

على سبيل المثال، يتساءل بولس في رسالة كورنثوس الأولى 9: 7 “أَيُّ جُنْدِيٍّ يَذْهَبُ إِلَى الْحَرْبِ عَلَى نَفَقَتِهِ الْخَاصَّةِ؟ وَأَيُّ مُزَارِعٍ يَغْرِسُ كَرْمًا وَلاَ يَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهِ؟ أَمْ أَيُّ رَاعٍ يَرْعَى قَطِيعًا وَلاَ يَأْكُلُ مِنْ لَبَنِ الْقَطِيعِ؟” لم يكن بولس يشير هنا إلى معركة مع إبليس. إنما كان يوضح ببساطة أن خدام الإنجيل ينبغي أن يتقاضوا أجورًا كافية. كذلك أيضًا قد جاءت فكرة الحرب في رسالة كورنثوس الثانية الإصحاح العاشر.

2 كورنثوس 10: 3- 5

3 فَمَعَ أَنَّنَا نَعِيشُ فِي الْجَسَدِ، إِلاَّ أَنَّنَا لاَ نُحَارِبُ وَفْقًا لِلْجَسَدِ.

4 فَإِنَّ الأَسْلِحَةَ الَّتِي نُحَارِبُ بِهَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ الْحُصُونِ: بِهَا نَهْدِمُ النَّظَرِيَّاتِ

5 وَكُلَّ مَا يَعْلُو مُرْتَفِعًا لِمُقَاوَمَةِ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَنَأْسِرُ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ.

إن أخذت تلك الآيات من سياق نصها فيمكنك أن تجعل منها أي شيء تريد أن تقوله. فالشاهد السابق قد استُخدم البعض بصورة مبالغ فيها لتصوير المصارعة مع شياطين على المدن والدول. لكن يتضح من سياق النص أن بولس كان يتكلم عن شيء مختلف تمامًا.

لم يكن بولس يشير إلى مصارعة قوى شيطانية فوق مناطق جغرافية. إنما كان ينصح المؤمنين بأن يتحكموا في أفكارهم وخيلاتهم حتى يمنعوا أكاذيب إبليس من أن تكوِّن حصونًا في أذهانهم.

لا يمكن لإبليس أن يدخل إلى مؤمن، ما لم يفتح له بابًا. فالذهن الغير مُحكم والتفكير الخاطئ لهما علاقة وثيقة بفتح باب لإبليس، تمامًا مثل الإيمان الخاطئ والاعتراف الخاطئ. لذا يحتاج المؤمنون أن يدركوا أن تلك الأمور هي ساحة المعارك الأساسية في الحياة. يقول الكتاب: “لاَ تَخدَعُوا أَنفُسَكُمْ، فَلاَ يُمْكِنُ لأَحَدٍ أَنْ يَغُشَّ اللهَ. لأَِنَّ مَا يَزرَعُهُ الإِنسَانُ هُوَ مَا سَيَحصُدُهُ” (غلاطية 6: 7). يمكننا أن نستخدم هذا العدد لنخبر الخطاة بأنهم سوف يحصدون نتائج ما زرعوه من خطية. لكن في الواقع، كتب بولس هذا إلى مؤمنين. فالمؤمنون سوف يحصدون ما يزرعونه، سواء جيد أم رديء. فهم يزرعون كلمات وأفعال وأعمال كل يوم، ومنها سوف يحصدون لاحقًا حصادًا جيدًا أو رديئًا، وليس بالضرورة أن يكون هناك تدخل لأفعال شيطانية بالأمر.

إن أهم شيء هو الكلمات التي تزرعها. لأن الكتاب يقول أن الموت والحياة في يد اللسان (أمثال 18: 21). فالتفكير الخاطئ والإيمان الخاطئ والاعتراف الخاطئ هي الطرق التي يفتح بها المؤمنون –سواء عن علم أو بجهل– بابًا لإبليس في حياتهم. وبهذه الطريقة يسمح المؤمنون لإبليس أن يبني حصونًا في أذهانهم وحياتهم.

لذلك، فإن قراءة رسالة كورنثوس الثانية 10: 5- 3 في نصها الكامل من شأنها أنها تخبر المؤمنين بأن حق كلمة الله هو قوة روحية عظيمة وكافية لنتغلب على أكاذيب وخداع إبليس التي يشنها على أذهاننا محاولاً أن يقيدنا.

ماذا تقول الرسائل أيضًا عن “الحروب” و”المعارك”؟

1 تيموثاوس 1: 18، 19

18 هذِهِ الْوَصِيَّةُ أَيُّهَا الابْنُ تِيمُوثَاوُسُ أَسْتَوْدِعُكَ إِيَّاهَا حَسَبَ النُّبُوَّاتِ الَّتِي سَبَقَتْ عَلَيْكَ، لِكَيْ تُحَارِبَ فِيهَا الْمُحَارَبَةَ الْحَسَنَةَ،

19 وَلَكَ إِيمَانٌ وَضَمِيرٌ صَالِحٌ، الَّذِي إِذْ رَفَضَهُ قَوْمٌ انْكَسَرَتْ بِهِمِ السَّفِينَةُ مِنْ جِهَةِ الإِيمَانِ أَيْضاً

كيف أخبر بولس تيموثاوس أن يحارب بحرب الإيمان الحسنة؟ بأن يتمسك بالإيمان وبضمير صالح. بمعنى آخر، كان بولس يخبر تيموثاوس قائلاً: “استمر في معركة الإيمان. تمم دعوة الله على حياتك. فبهذه الطريقة سوف تحارب حسنًا في هذه الحياة”.

لا يرد ذكر إبليس في هذه الشواهد. فوصية بولس كانت ببساطة هي تحدي لتيموثاوس؛ ذلك الخادم الشاب ليتمم خدمته ولا يُعاق بسبب أي اضطهاد يواجهه. يعطى بولس تحريض آخر لتيموثاوس في رسالته الثانية الإصحاح الثاني بخصوص الحرب.

2 تيموثاوس 2: 3، 4

3 شَارِكْ فِي احْتِمَالِ الآلاَمِ كَجُنْدِيٍّ صَالِحٍ لِلْمَسِيحِ يَسُوعَ.

4 وَمَا مِنْ مُجَنَّدٍ يُرْبِكُ نَفْسَهُ بِشُؤُونِ الْحَيَاةِ إِذَا رَغِبَ فِي إِرضَاءِ مَنْ جَنَّدَهُ.

عندما نقرأ النص الكامل لهذه القطعة، نجد أنه لا شيء فيها يتعلق بإبليس. فبولس كان يخبره ببساطة، “كن مٌلازمًا لدعوة الله على حياتك بغض النظر عن التكلفة”. بولس يخبر المؤمنين بأنه يوجد ثمن سيدفعوه ليكونوا جنودًا صالحين ليسوع المسيح؛ فالأمر يتطلب تكريس وتلمذة.

كان بولس يعطى تيموثاوس مثالاً ليذكره ويشجعه لكي يحفظ نفسه بعيدًا عن كل اهتمامات ومشاغل هذا العالم ومن أي معوقات يمكن أن تشتته عن أن يخدم الرب بكفاءة.

نقرأ في رسالة يعقوب الإصحاح الرابع مصطلحات مثل “حرب” ، “معركة” بالارتباط بـ “منازعات” و”حروب” قد نشأت بسبب جسد المؤمنين الذي لم يتحكموا فيها.

يعقوب 4: 1، 2

1 مِنْ أَيْنَ النِّزَاعُ وَالْخِصَامُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَ مِنْ لَذَّاتِكُمْ تِلْكَ الْمُتَصَارِعَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟

2 فَأَنْتُمْ تَرْغَبُونَ فِي امْتِلاَكِ مَا لاَ يَخُصُّكُمْ، لَكِنَّ ذَلِكَ لاَ يَتَحَقَّقُ لَكُمْ، فَتَقْتُلُونَ، وَتَحْسُدُونَ، وَلاَ تَتَمَكَّنُونَ مِنْ بُلُوغِ غَايَتِكُمْ. وَهَكَذَا تَتَخَاصَمُونَ وَتَتَصَارَعُونَ! إِنَّكُمْ لاَ تَمْتَلِكُونَ مَا تُرِيدُونَهُ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَهُ مِنَ اللهِ.

قد استخدمت كلمة “حرب” هنا لتصف نتائج أفعال الطبيعة الجسدية التي تُركت دون كبح، ولا علاقة لتلك الكلمة بإبليس. وفقًا لرسالة يعقوب، فأن الحرب الروحية في معظم الأحيان هي مصارعة شهوات الجسد التي تحاول أن تدمر تقدمنا الروحي وتعيق نمونا في المسيح. نحتاج اليوم أن نصلب أجسادنا كما فعل المؤمنون قديمًا (غلاطية 5: 24). فعندما لا نصلب الجسد أو نقمعه (1 كورنثوس 9: 27) فسوف نواجه مشاكل في الحياة، وليس بالضرورة أن تكون نتيجة تأثير شيطاني.

وفـى النهـأيـة، يشيـر بطـرس إلـى “حـرب” فـي رسـالتـه الأولى 2: 11 عندما يقول، “أَيُّهَا

الأَحِبَّاءُ، مَا أَنْتُمْ إِلاَّ غُرَبَاءُ تَزُورُونَ الأَرْضَ زِيَارَةً عَابِرَةً. لِذَلِكَ أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَنْ تَبْتَعِدُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُصَارِعُ النَّفْسَ”. مرة أخرى لا يوجد أي ذكر لإبليس. كما فعل يعقوب كذلك أيضًا بطرس؛ استخدم كلمة “حرب” ليصف بصورة أكثر وضوحًا الحرب بين شهوات جسدنا وأنفسنا، من ذهن ومشاعر وإرادة. كما يشير بولس أيضا إلى الطبيعة الجسدية الغير مُجددة وهي تصارع الذهن في رسالة رومية الإصحاح السابع.

رومية 7: 23

23 لَكِنِّي أَرَى قَانونا آخَرَ يَعمَلُ فِي جِسْمِي، وَهِوَ يُحَارِبُ الشَّرِيعَةَ الَّتِي تسُودُ فِي عَقلِي، وَيَجعَلُنِي أَسِيرًا لقَانونِ الخَطِيَّةِ الَّذي يَعمَلُ فِي جِسْمِي.

لقد بحثنا في الشواهد الكتابية المسجلة في الرسائل حيث وجدت إشارة إلى الحرب أو المعارك. لكن لم يُذكر إبليس مرة واحدة في أي من تلك الشواهد. مع ذلك فعندما تسمع البعض يتكلمون، تعتقد أن الحرب الروحية هي الموضوع الوحيد في الكتاب المقدس.

فيما يخص العقائد، جعل البعض من الحبة الصغيرة جبلاً. أعتقد أن السبب في ذلك هو أن بعض المؤمنين يريدون أن يلقوا باللوم في كل شيء على إبليس. لكن كما رأينا في الرسائل فأن كلمتي “حرب” و “معركة” ترتبطان بصورة أساسية بإخضاع الجسد والتحكم في أسلوب تفكير الفرد. وكل مؤمن يستطيع أن يفعل ذلك من خلال كلمة الله وبمساعدة الروح القدس. مع ذلك، فمؤمنون كثيرون يحاولون أن يحققوا النصرة في الحياة بطرق أخرى. لكنهم يحتاجوا أن يدركوا أن الحرب الروحية الحقيقية سوف تكون في أغلب الأحيان مع الذهن والجسد ومحاربة حرب الإيمان الحسنة (1 تيموثاوس 6: 12). فأولئك الذين يحاربون حرب حسنة هم الذين يحفظون أذهانهم مجددة وأجسادهم مصلوبة ويعرفون كيف يثبتون في الإيمان على مواعيد كلمة الله.

لم ينتشر تعليمًا كافيًا بعد بين جسد المسيح عن إخضاع الجسد والتحكم في أسلوب تفكيرنا، لذا أطلق مؤمنون كثيرون الزمام لشهوات أجسادهم. وكثير من الذين سقطوا في الخطية قد ألقوا باللوم على إبليس. في حين كان بإمكانهم أن يتجنبوا الخطية وعدم السقوط فيها على الإطلاق إن كانوا قد تحكموا في أذهانهم وأجسادهم. ربما يدَّعون أن إبليس دفعهم إلى فعل الخطية، لكن الحقيقة هي أن إبليس وجد بابًا مفتوحًا استطاع أن يتسلل منه إلى حياتهم. إما لأنهم كانوا يفكرون بطريقة خاطئة أو لأنهم لم يصلبوا جسدهم.

من ضمن نقاط ضعف الحركة الكارزماتية هو أنه لم يكن هناك تعليم كثير عن السلوك بالقداسة والتكريس والانفصال عن شهوات العالم الفاسدة (2 كورنثوس 6: 17؛ 2 بطرس 1: 4). فكثير من الأمور التي يلوم فيها المؤمنون إبليس، هي نتيجة الافتقار إلى التكريس والانفصال عن العالم. نحن نستطيع أن نفصل أنفسنا عن العالم بطاعتنا للإرشاد الكتابي المذكور في رسالة رومية الإصحاح الثاني عشر عدد 1 و2. إن أطاع المؤمنون هذه الإرشادات، فسوف يحسمون نتائج معظم الحروب الروحية التي سيواجهونها في الحياة.

إني لا أنكر وجود الشيطان أو أتجاهل أنه عدو لنا. لكن عندما يتعلَّم المؤمن من كلمة الله كيف يتحكم في أفكاره ويسود على شهوات جسده، فلن يجد صعوبة في التمتع بنصرة عظيمة على إبليس، الذي هزمه يسوع وجرَّده وسلبه قوته جاعلاً إياه لا شيء منذ ألفي عام.

سوف أخبركم بما تقوله كلمة الله عن موضوع الحرب الروحية. بدلاً من أن نجتهد دائمًا لنتصدى لشيء (إبليس)، فلما لا نتمسك بشيء آخر (الحق). لما لا نثبت في حق كلمة الله وفي نصرة يسوع على إبليس التي حققها في صليب الجلجثة؟ فعندما نتمسك بالحق وندع كلمة الله تنغرس بداخلنا، ستبدأ الأوضاع تستقيم في حياتنا. نحتاج أن نلزم وضع الهجوم، بدلاً من وضع الدفاع محاولين باستمرار أن نحارب عدو مهزوم، كما لو أنه علينا أن “نغلبه” مرة أخرى لنسترد نصرة المسيح التي حققها بالفعل لأجلنا.

هل يصارع المؤمنون مع شياطين؟

كما رأينا، فإن رسائل العهد الجديد تستخدم كلمتي “حرب” و “معركة” لتصف الصراع بين الجسد والذهن، أو بين الجسد وروح المؤمن المخلوقة ثانية. لكن ماذا يقول الكتاب القدس أيضًا عن “المصارعة”؟ هل يعلمنا العهد الجديد أن المؤمنين يحتاجون أن يصارعوا مع شياطين؟

أفسس 6: 10-17

10 وَخِتَاماً، تَشَدَّدُوا فِي الرَّبِّ وَفِي قُدْرَةِ قُوَّتِهِ

11 الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ، لِتَتَمَكَّنُوا مِنَ الثْبُاتُ فِي وَجْهِ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ

12 فَإِنَّ حَرْبَنَا لَيْسَتْ ضِدَّ ذَوِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ، بَلْ ضِدُّ الرِّئَاسَاتِ، ضِدُّ السُّلُطَاتِ، ضِدُّ أَسْيَادِ الْعَالَمِ حُكَّامِ هَذَا الظَّلاَمِ، ضِدُّ قِوَى الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي الأَمَاكِنِ السَّمَاوِيَّةِ

13 لِذَلِكَ اتَّخِذُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ، لِتَتَمَكَّنُوا مِنَ الْمُقَاوَمَةِ فِي يَوْمِ الشَّرِّ، وَمِنَ الثْبُاتُ أَيْضاً بَعْدَ تَحْقِيقِ كُلِّ هَدَفٍ

14 فَاثْبُتُوا إِذَنْ بَعْدَ أَنْ تَتَّخِذُوا الْحَقَّ حِزَاماً لأَوْسَاطِكُمْ، وَالْبِرَّ دِرْعاً لِصُدُورِكُمْ

15 وَالاسْتِعْدَادَ لِنَشْرِ بِشَارَةِ السَّلاَمِ حِذَاءً لأَقْدَامِكُمْ

16 وَفَوْقَ هَذَا كُلِّهِ، احْمِلُوا الإِيمَانَ تُرْساً بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُشْتَعِلَةِ

17 وَاتَّخِذُوا الْخَلاَصَ خُوذَةً لِلرَّأْسِ، وَكَلِمَةَ اللهِ سَيْفَ الرُّوحِ

ألا توحي كلمة مصارعة ببذل مجهود عنيف؟ وفقًا لهذه الشواهد، فنحن نصارع ضد الشيطان ونحتاج أن نتعامل معه في الحياة! لكن الصورة تختلف عندما نقرأ هذا الشاهد في سياقه الكتابي في ضوء مشورة كلمة الله الكاملة، آخذين في اعتبارنا أن يسوع قد هزم الشيطان لأجلنا وافتدانا من سيادته.

والآن، هل يعني الكتاب المقدس بذكره لكلمة “مصارعة” أنها حرب فعلاً؟ إطلاقًا. يوجد فرق شاسع بين الحرب والمصارعة. إذا شاهدت مباراة مصارعة من قبل، ستدرك أن هناك اختلاف شاسع بين المصارعة وشن حرب. وفقًا لقاموس فاين التوضيحي لكلمات الكتاب المقدس، فإن إحدى المعاني لكلمة “مصارعة” هي: يسيطر على، ويُنحَّي جانبًا، ويُبعد. إن سمحنا للشيطان، فسوف يهاجمنا محاولاً أن يسيطر علينا وينحينا جانبًا ويبعدنا عن الإيمان ويوقعنا في الشك في كلمة الله حتى يستطيع هزيمتنا. لكن إن ثبتنا في الإيمان، فلن يقدر أن يبعدنا عن الكلمة. لذلك فأن المصارعة التي نقوم بها ليست حاربًا مع الشيطان، إنما “معركة” لنتمسك بإيماننا في كلمة الله.

هكذا يتضح، أن كلمة “مصارعة” المذكورة في رسالة أفسس 6: 12 قد استُخدمت بصورة تشبيهية مثلما استُخدمت كلمة “نركض” في عبرانين 12: 1 بصورة تشبيهية أيضًا: “…فَلنَرْكُضَ بِاجْتِهَادٍ فِي السِّبَاقِ الْمُمْتَدِّ أَمَامَنَا…” فالكتاب المقدس لا يستخدم كلمة “مصارعة” ليحرض المؤمنين على الدخول في معركة روحية عنيفة ليصارعوا مع إبليس في الصلاة. كلا، فالكتاب المقدس يحاول أن يكشف للمؤمنين أن مكانتنا في هذه الحياة نابعة في الأساس من العالم الروحي وأننا لا نصارع مع لحم ودم، إنما علينا أن نثبت في كلمة الله ونعزز نصرتنا ضد عدو مهزوم.

بإمكاننا أن نقبل نصرة يسوع المسيح التي سبق وأحرزها لأجلنا ونضاعف من هزيمة إبليس في كل موقف أو نخسر حرب الإيمان. لا يريدنا الله أن نخسر، لكن إن فشلنا في الإيمان بكلمة الله ولم نؤمن بهويتنا في المسيح وما نملك فيه، فبذلك نحن نسمح لإبليس أن تكون له اليد العليا في أي موقف. لذلك إن لم تقرأ سياق النص بالكامل للقطعة المذكورة في أفسس الإصحاح السادس، بل ركزت على العدد الثاني عشر وحسب، فسوف ترتبك وتُهزم لأنك ستفكر: “عليَّ أن أجتاز تلك المعركة. ينبغي لي أن أصارع ضد كل الرياسات والسلاطين وقوات الظلمة لكي أهزمهم جميعًا”.

لكنه في أي وقت نركز على أحد الأجزاء الكتابية ونعزله عن سياقه، فيصبح من السهل جدًا أن نجعله يقول شيئًا لا يعنيه. وإن بالغنا في تفسير أحد الشواهد بالابتعاد عن باقي الشواهد الكتابية الأخرى، فلن نصل إلى مشورة الله الكاملة عن هذا الموضوع. لذا فما نحتاج أن نفعله هو أن نصحح تفكيرنا، ونبدأ نؤمن وفقًا لمشورة الله الكاملة.

على سبيل المثال، بمجرد الاكتفاء بقراءة العدد الثاني عشر يمكنك أن ترى كيف يمكن للبعض أن يرتبكوا معتقدين أنه ينبغي عليهم أن يصارعوا ويغلبوا الأرواح الشريرة. وهكذا يتولد لدى الناس هوس بوجود إبليس. وبدلاً من أن يستريحوا في عمل الصليب الكامل، فإنهم يحاولون أن يصارعوا عدوًا قد نسوا أنه مهزوم. وهذا يعطى إبليس مدخلاً إليهم ليصنع ما يحلو له في أذهانهم وأجسادهم وحياتهم.. هذا لأنهم لم يؤمنوا بما تقوله الكلمة عما سبق وفعله يسوع لأجلهم. لكن التركيز على شاهد واحد وحسب دون مشورة الله الكاملة يجعل الناس يؤكدون أنه يجب على المؤمن أن يفعل شيئًا بعد ليحقق نصرة على إبليس، بدلاً من أن يقبلوا ما سبق يسوع وفعله للمؤمنين. وهذا أمر غير كتابي؛ لأن كل مؤمن قد اشترك بالفعل في نصرة يسوع على إبليس.

لابد أن نحفظ في أذهاننا باستمرار مشورة الله الكاملة. فعلى الرغم من أن رسالة أفسس 6: 12 تقول أننا نصارع ضد رياسات وقوات، إلا أن الكتاب المقدس يقول أيضا في مواضع أخرى أننا نصارع ضد عدو قد سبق وهُزم بالفعل. لذلك دعونا نقرأ رسالة أفسس 6: 12، وبدلاً من أن “نعسكر” هناك محاولين أن نبني عقيدة على شاهد واحد فحسب –داعين إلى معركة ضد إبليس دائمًا– فلننظر إلى مشورة الله الكاملة لهذا الموضوع.

على سبيل المثال، اقرأ رسالة أفسس 6: 12، “فَإِنَّ حَرْبَنَا لَيْسَتْ ضِدَّ ذَوِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ، بَلْ ضِدُّ الرِّئَاسَاتِ، ضِدُّ السُّلُطَاتِ، ضِدُّ أَسْيَادِ الْعَالَمِ حُكَّامِ هَذَا الظَّلاَمِ، ضِدُّ قِوَى الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي الأَمَاكِنِ السَّمَاوِيَّةِ” ثم أقرأ بعدها رسالة كولوسي 2: 15، “إذْ نَزَعَ سِلاَحَ الرِّئَاسَاتِ وَالسُّلُطَاتِ، فَضَحَهُمْ جِهَارًا فِيهِ، وَسَاقَهُمْ فِي مَوْكِبِهِ ظَافِرًا عَلَيْهِمْ”. ثم انظر بعد ذلك إلى لوقا10: 19، “هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَانًا لِتَدُوسُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ الْعَدُوِّ، وَلاَ يَضُرُّكُمْ شَيْءٌ”. حقًا، إننا في معركة بالفعل. لكنها ضد رئاسات وقوات قد سبق وهزمها يسوع بالفعل في موته ودفنه وقيامته. كما نلاحظ في إنجيل لوقا10: 20 أن يسوع أوصى التلاميذ ألا يفرحوا بسلطانهم على إبليس، بل أن يبتهجوا بعلاقتهم بالله وحقيقة أن أسمائهم قد كُتبت في سفر الحياة. لذلك يجب ألا يكون تركيزنا في المعركة مع عدو مهزوم، بل على علاقتنا مع إله قدير محب.

يؤكد البعض أن جسد المسيح ينبغي أن يحارب إبليس. لكن لماذا يتحتم علينا أن نحارب عدو قد جُرد بالفعل من موضع سلطانه؟ مع هذا، تجد البعض يذهبون إلى الكنيسة مرتدين حُلل عسكرية! وبدلاً من أن يتعبدوا لله، فأنهم يسرفون كل وقتهم يصيحون ويصرخون محاولين أن” يحاربوا” إبليس في الصلاة. فهم يستندون على شواهد مثل التي ذُكرت في رسالة تيموثاوس الثانية 2: 3، 4 ليبرروا تلك الأفعال: “.. شَارِكْ فِي احْتِمَالِ الآلاَمِ كَجُنْدِيٍّ صَالِحٍ لِلْمَسِيحِ يَسُوعَ.. وَمَا مِنْ مُجَنَّدٍ يُرْبِكُ نَفْسَهُ بِشُؤُونِ..”.

لكن في الواقع، كان بولس يتكلم بصورة تشبيهية في رسالتي تيموثاوس 2: 3، 4 وأفسس 6: 12. فهو يستخدم كلمات مثل “جندي” و “يتجند” و “يصارع” بصورة توضيحية. فقد كان يستخدم تشبيهات من الجيش الروماني في ذلك الوقت حتى يستطيع النـاس أن يستوعبـوا ما يقولـه. فقد استخـدم بولـس أمـورًا يـمكـن للنـاس في ذلـك الـوقـت أن

يدركوها. نستطيع أن نرى ذلك عندما نقرأ تلك القطعة في السياق الذي كُتبت فيه.

2 تيموثاوس 2: 3-6 

3 شَارِكْ فِي احْتِمَالِ الآلاَمِ كَجُنْدِيٍّ صَالِحٍ لِلْمَسِيحِ يَسُوعَ.

4 َمَا مِنْ مُجَنَّدٍ يُرْبِكُ نَفْسَهُ بِأُمُورِ الحَيَاةِ، إِذَا رَغِبَ فِي إِرضَاءِ مَنْ جَنَّدَهُ.

5 كَمَا أَنَّ الْمُصَارِعَ لاَ يَفُوزُ بِالإِكْلِيلِ إِلَّا إِذَا صَارَعَ بِحَسَبِ الْقَوَانِينِ.

6 كَذَلِكَ الْفَلَّاحُ الَّذِي يَشْتَغِلُ بِجِدٍّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ مَنْ يَنَالُ حِصَّتَهُ مِنَ الْغَلَّةِ.

يستخدم بولس في تلك الأعداد مصطلحات عسكرية ورياضية وزراعية ليصف سمات الخدمة المختلفة. فهو يستخدم كلمة جندي في العدد الثالث والرابع ليصف ما تتطلبه تتميم الدعوة الإلهية في بعض الأحيان من صعوبات وتكريس وتدريب. والتعبير المستخدم في عدد 5، “الْمُصَارِعَ” يشير إلى الفوز بالمركز الأول في المسابقات الرياضية. وكلمة “الْفَلاَّحُ” تشير إلى المزارع الذي يحصد محصوله.

لذلك عندما تؤخذ هذه الشواهد بعيدًا عن سياقها، فسوف نعتقد أننا مؤمنون محاربون سوف نحارب إبليس. ثم وفقًا لتيموثاوس الثانية 2: 3- 6، فأننا يجب أن نكون كنيسة رياضية وينبغي أن نأتي جميعًا بملابس رياضية. وإن كان يجب أن نكون مؤمنين مزارعين، فينبغي أن نرتدي ملابس الفلاحة.

هل ترى كيف يبدو الأمر سخيفًا؟ كان ينبغي ألا نقيم ممارسات خارجية استنادًا على شواهد استُخدمت بصورة تشبيهية. فتلك الأعداد قد استُخدمت لتوضيح السمات المختلفة للخدمة والحياة المسيحية فحسب.مع ذلك، لا تزال تجد بعض المؤمنين حسني النية يأتون إلى الكنيسة أو يذهبون ليعقدوا اجتماعات للصلاة لكي يصنعوا حربًا مع إبليس في الصلاة. لا ينبغي علينا أن نحارب إبليس، بل ما نحتاج إليه حقًا هو أن نثبت في النصرة التي لنا في المسيح ونعزز من الحق الكتابي، لأن إبليس قد هُزم بالكامل في الصليب.

كذلك أيضًا، فليس كتابيًا أن نشن معركة أو حرب ضد إبليس؛ لأن ذلك ينفي نصرة يسوع التي حققها على إبليس في الصليب. فبسبب نصرة يسوع على إبليس، صار كل ما يحتاج أن يفعله المؤمنون هو أن يحتلوا موضع السلطان في عمل الصليب الكامل ويأخذوا ما فعله يسوع بالإيمان.

الصراع في عالم الروح

يحتاج جسد الرب يسوع المسيح أن يتعلم كيف يحفظ التوازن في كل الأمور الروحية. فالتركيز على شاهد كتابي واحد وحسب بالانفصال عن باقي الشواهد أو الاستعلاء بأي شيء آخر فوق كلمة الله –بما في ذلك جميع الممارسات الغير كتابية– يمكن أن يوقع المؤمنين في أخطاء عقائدية. فأي شخص يمكن أن يأخذ أي موضوع كتابي ويركز عليه فيجعله يقول شيء لا يعنيه بالفعل.

هذا ما فعله بعض المؤمنين بخصوص موضوع “مصارعة” إبليس. فقد التجأوا إلى وسائل جسدية مثل الصراع والصياح على إبليس محاولين أن يهزموه. لكن صراع المؤمن ضد قوى الشر لا يجري في العالم الطبيعي بوسائل جسدية، إنما يحدث في العالم الروحي عن طريق الإيمان بكلمة الله.

أما بعض المؤمنين الآخرين فيقتلعون الشواهد الكتابية المتعلقة بأرواح الشر في السماويات (أفسس 6: 12) من نصها مدعين أننا ينبغي أن نرتقي ونعلو فوق الجسد لكي نحارب مع الأرواح الشريرة في السماويات أثناء الصلاة. لكن ما يحتاجون إليه حقًا هو أن يبقوا تحت، حيث تدور المعركة الحقيقية في الذهن والجسد.

ما يفعله هؤلاء المؤمنون هو أنهم يحاولون أن يصلوا بالجسد إلى الموضع الذي أجلسنا فيه الله بالفعل في السماويات في المسيح يسوع (أفسس 2: 6). ففي مقامنا في المسيح قد صرنا بالفعل بعيدًا عن كل الرياسات والسلاطين.

ليس ذلك وحسب، لكن الكتاب المقدس يقول: “كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاءِ” (متى 18: 18)، وأيضًا: “إِنِ اتَّفَقَ اثْنَانِ مِنْكُمْ عَلَى الأَرْضِ فِي أَيِّ شَيْءٍ يَطْلُبَانِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ” (متى 18: 19). فالكتاب يخبرنا أنه ينبغي علينا أن نفعل هذه الأمور هنا على الأرض، ولم يذكر أبدًا أننا نحتاج أن نصعد إلى العالم الروحي لنتعامل مع إبليس هناك. فكل ما فعله الرب يسوع أثناء خدمته الأرضية والتلاميذ أيضًا، كان هنا على الأرض وليس في السماويات.

كيف أطلق بولس وسيلا قوة الله

إن أردت أن تعرف إن كانت إحدى الممارسات الروحية كتابية أم لا، فعليك أن تبحث في الكلمة وتنظر إن كان يسوع أو تلاميذه قد فعلوها من قبل أم لا. على سبيل المثال، ماذا فعل التلاميذ عندما واجهوا مضايقة شديدة من الشيطان؟ قد واجه بولس وسيلا حربًا مع العدو عندما ضُربا وألقي بهما في السجن (أعمال 16: 18، 22، 23). لا يوجد شك في هذا الأمر. فإبليس هو الذي هيَّج أولئك الناس ضدهما. لم يكن الله هو مَن طرح بولس وسيلا في السجن، لكن الشيطان كان يعمل من وراء الستار. فقد كان إبليس يضايق الكنيسة ويعارض رسالة الإنجيل بشن حربًا من خلال البشر.

لكن هل بحث بولس وسيلا عن منفذ ليصعدوا إلى السماء لكي يحاربا إبليس؟ هل صارعا إبليس وحاربا شياطين بالألسنة؟ كلا. فعندما أُلقي بولس وسيلا في السجن، رُبطت أرجلهما في المقطرة وكانا في وضع ثابت في أعماق السجن الداخلي (أعمال 16: 23-26). فكيف إذًا يمكنهما أن يصعدا إلى السماويات ليصارعا مع قوات الظلمة التي تهاجمهما؟ لكنهما لم يحتاجا لفعل ذلك. بل سبحا الرب حتى أطلقا قوة الروح القدس.

وهما لا يزالان على الأرض وفى منتصف الليل، صلى بولس وسيلا وسبحا الرب، والله سمعها وأنقذهما (أعمال 16: 25). هكذا يتضح أن الصلاة والتسبيح هما نوع من “الصراع” في العالم الروحي، لأنك تحتاج أن تبقى في الإيمان لتفعل ذلك. ولأن الله يتجاوب مع الإيمان (عبرانين 11: 6)، لذا نزل وزلزل أعماق السجن وأنقذ بولس وسيلا.

لا نحتاج أن نصعد إلى السماويات لنتعامل مع الأرواح الشريرة. بل ينبغي علينا أن نسعى لنتلامس مع قوة الله التي صارت متاحة لنا بالفعل كمؤمنين هنا على الأرض. حقًا، إن كلمة “صراع” توضح أنه توجد مواجهة روحية بين المؤمن وإبليس. لكن تلك المواجهة تتم في دائرة الإيمان –في العالم الروحي– وليست في الوسط الطبيعي. إنها حرب تعتمد على الثبات على مواعيد الله وعلى عمل فدائنا المكتمل.

‘المصارعة’ الروحية – حرب الإيمان

بمجرد أن يدرك المؤمنون سلطانهم في المسيح ويبدأوا في استيعاب عمل الصليب المكتمل، سيفهمون بالتحديد أي “صراع” على المؤمنين أن يخوضوه. لا يحتاج المؤمنون أن يغلبوا إبليس أو يقهروه أو يصارعوه بقوتهم الشخصية. فنحن “نصارع” القوى الشيطانية من خلال الإيمان بكلمة الله، من موضع النصرة لأننا جالسون مع المسيح ولأن لدينا سلطان على الشياطين في المسيح. لهذا السبب فأن المعركة الوحيدة التي سنخوضها هي حرب الإيمان. أما إن اشتركنا في أي حرب أخرى، فنحن في الحرب الخاطئة: “أَحْسِنِ الْجِهَادَ فِي مَعْرَكَةِ الإِيمَانِ الْجَمِيلَةِ” (1 تيموثاوس 6: 12).

هكذا يتضح أنه في بعض الأحيان عليك أن “تصارع” لكي تثبت في الإيمان. لأنه طالما أن إبليس يستطيع أن يحصرك في عالم العيان والحواس الذي يملك عليه، وطالما تحول نظرك إلى الظروف المحيطة، فسوف يهزمك في كل مرة. لكن إن مكثت في عالم الإيمان متكلاً على كلمة الله لتنصرك، فسوف تهزمه في كل مرة.

إن حرب الإيمان –الثقة بكلمة الله في أن تعمل لأجلك– هي الحرب الوحيدة التي يوصي الكتاب المقدس المؤمنين بها ليحاربوها.

يقول الكتاب، “فَلْنَجْتَهِدْ أَنْ نَدْخُلَ تِلْكَ الرَّاحَةَ، لِئَلاَّ يَسْقُطَ أَحَدٌ فِي عِبْرَةِ الْعِصْيَانِ هذِهِ عَيْنِهَا” (عبرانيين 4: 11). نحن نجتهد لندخل الراحة الإلهية بالإيمان، “لأَنَّنَا نَحْنُ الْمُؤْمِنِينَ نَدْخُلُ الرَّاحَةَ” (عبرانيين 4: 3). إن بعض المؤمنين يجتهدون كثيرًا في محاولة لإلحاق الهزيمة بالعدو، في حين أن كل ما يحتاجوا أن يفعلوه هو أن يدخلوا الراحة، التي هي عن طريق الإيمان بكلمة الله.

إن كنت مؤمنًا، فأنت في المسيح ولديك سلطان على القوى الشيطانية الآن. ليس عليك أن تجتهد لتحصل على سلطان فوق الشيطان، لأن يسوع قد ضمن لك هذا السلطان في الفداء الذي صنعه لأجلك بهزيمته لتلك الرئاسات والقوات. لذا لا تتقدم للصلاة معتقدًا أنه عليك أن تهزم تلك الرئاسات والقوات. لقد فعل يسوع ذلك لأجلك على الصليب. حقًا أن تلك الرئاسات والقوات تحاول أن تهاجم حياتنا. لكن ذات الرئاسات والقوات التي كان على مؤمني العهد القديم أن يصارعوا ضدها، قد هزمهم يسوع في العهد الجديد جاعلاً إياهم لا شيء. هذه هي حكمة الله – وليست حكمة قوات هذا العالم المخلوعين الذين يحاولون أن يعموا عيوننا عن مكانة نصرتنا في المسيح (1 كورنثوس 2: 6؛ كولوسي 2: 15).

لذلك عندما تتقدم للصلاة، فلتصلى وأنت مدرك أن ذات الرئاسات والقوات التي يقول عنها الكتاب في رسالة أفسس 6: 12 أننا نصارع ضدها قد هُزمت بالكامل وخُلعت وجُردت من سلطانهم على حياتك من خلال الرب يسوع المسيح (كولوسي2: 15).

كيف يمكننا أن نساعد الآخرين ليتعاملوا مع إبليس على هذا الأساس؟ بأن نعلِّمهم ما تقوله كلمة الله ونخبرهم عن هويتهم في المسيح وما تشتمل عليه حقوق عهدهم المُشترى بالدم والامتيازات التي لهم في الفداء. بأن نخبرهم عن السلطان الذي لهم على إبليس وكيف يستخدمون ذلك السلطان كتابيًا ليتعاملوا مع قوات الظلمة.

تقوَّى في الرب

يخبرنا الكتاب المقدس في رسالة أفسس 6: 10 أن المؤمنين عليهم أن “.. تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ”. لكنك تسمع البعض يقولون: “حسن، إني أحاول أن أكون قويًا”. لكن الكتاب لا يقصد أبدًا بأن تكون قويًا في نفسك. يقول بولس، “عِندَمَا أَكُونُ ضَعِيفًا، حِينَئِذٍ أَكُونُ قَوِيًّا حَقًّا” (2 كورنثوس 12: 10). نشعر في أحيان كثيرة عندما نواجه ظروف هذه الحياة أننا ضعفاء وفارغين في قرارة أنفسنا وعاجزين. لكن شكرًا لله لأنه بإمكاننا أن نتكل على مواعيد الله. نستطيع أن نلجأ إلى يسوع، صخرتنا، ونثبت على كلمته.

يقول بولس: “..قَدْ كَانَتْ (الضيقة) ثَقِيلَةً جِدًّا عَلَينَا وَفَوقَ طَاقَتِنَا، حَتَّى فَقَدنَا كُلَّ أَمَلٍ فِي البَقَاءِ أَحيَاءَ. وَقَدْ شَعَرنَا فِي قُلُوبِنَا بِأَنَّهُ مَحكُومٌ عَلَينَا بِالمَوتِ. وَذَلِكَ لِكَي نَتَعَلَّمَ أَلاَّ نَتَّكِلَ عَلَى أَنفُسِنَا، بَلْ عَلَى اللهِ ..” (2 كورنثوس 1: 8، 9). إن الاتكال على الله هو الثقة في كلمته والإيمان بها. وهذه هي النقطة التي تمر على مؤمنين كثيرين. فهم يحاولون أن يكونوا أقوياء بقوتهم الشخصية، غير مدركين أن كل القوة التي يحتاجونها موجودة في الكلمة.

السبب الذي من أجله تحتاج أن تتقوَّى في الرب وفى شدة قوته هو لكي تثبت ضد حيل إبليس “فِي يَوْمِ الشَّرِّ” (أفسس4: 13). إن يوم الشر هو اليوم الذي يأتي فيه الشيطان ليجربك ويختبرك ويمتحنك، لذلك تحتاج أن تكون قويًا في الرب وفى شدة قوته حتى تتمكن من الثبات في الإيمان ضده. ومن إحدى الطرق التي تصير بها قويًا في الرب هو أن تلبس سلاح الله الكامل (أفسس 6: 11-18). هناك سببان على الأقل لكي تلبس سلاح الله:

1- لأجل حماية حياة صلاتك اليومية. فبمجرد أن تلبس السلاح تصبح مستعدًا للصلاة. فالغرض من ارتداء سلاح الله هو لكي تتقدم للصلاة.

2- تحتاج أن تلبس السلاح لكي يساعدك أن تثبت في الحياة ضد مكايد وحيل وتجارب إبليس.

سلاح الله

إن كنا نحتاج إلى سلاح الله لكي يجعلنا أقوياء في الرب، فهذا يتطلب علينا أن نفحصه جيدًا. يقول الكتاب في البداية، “الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ” (أفسس 6: 11). وفقًا لقاموس سترونج الموسع للكتاب المقدس، فإن الأصل اليوناني لكلمة “يلبس” هو “اندوEndo ” وهذه الكلمة تحمل معاني: يتدثر عباءة أو يتغطى بثياب أو يكتسي أو يرتدي شيء.

لكي تتقوى في الرب، فأنت تحتاج أن تلبس أو تتغطى أو تكتسي بسلاح الرب كحماية لك من مكايد إبليس. ثم يخبرنا الكتاب في عدد 13، “مِنْ أَجْلِ ذلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا”. ووفقًا لقاموس سترونج، فإن كلمة احملوا تعني “استخدموا”. بمعنى آخر، بمجرد أن تلبس سلاح الله، فلابد أن تفعل به شيئًا: أن تستخدمه. لقد استخدم بولس سلاح الجندي الروماني كتشبيه ليصور لنا سلاح الله. فخوذة الخلاص هي معرفة مكانك في المسيح بسبب خلاصك.

إن خوذة الخلاص ترتبط ارتباطًا مباشرًا بالصلوات التي صلاها بولس لكنيسة أفسس 1: 17-22، “… حَتَّى يَهَبَكُمْ إِلَهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ حِكْمَةٍ وَإِلْهَامٍ: لِتَعْرِفُوهُ مَعْرِفَةً كَامِلَة”. تتضمن خوذة الخلاص تجديد ذهنك لتعرف وتدرك حقوقك وامتيازاتك التي في المسيح وتعرف ماذا صرت عليه. فخوذة الخلاص تحمي ذهنك الذي هو أرض المعركة الأساسية لإبليس.

تمثل منطقة الحق إدراكًا واضحًا لكلمة الله. فهي مثل حزام الجندي؛ تحفظ كل أجزاء السلاح الأخرى في موضعها. فلابد أن تمنطق حقويك بحق كلمة الله، لأنك لن تنجز أي شيء في الصلاة ما لم تدع كلمة الله تثبت فيك (يوحنا 15: 7). فالصلاة الناجحة لابد أن تُؤسس على مواعيد كلمة الله.

ثم بعد ذلك، لابد أن تلبس درع البر، الذي يشير إلى علاقتك الصحيحة مع الله. فعندما تقبل يسوع، تصبح بر الله في المسيح (2 كورنثوس 5: 21). لن تكن ندًا لإبليس إن لم تكن في علاقة صحيحة مع الله وتشارك جلوس المسيح في السماويات. “وَبِمَا أَنَّنَا أَبنَاءُ اللهِ، فَإنَّنَا وَرَثَتُهُ أَيضًا، وَنَحنُ شُرَكَاءُ فِي الإرثِ مَعَ المَسِيحِ” (رومية 8: 17).

لابد أن تحازي قدميك باستعداد إنجيل السلام. لكي تكون مؤثرًا في الصلاة لابد أن تسير في نور كلمة الله. (1 يوحنا 1: 7). وكما يقول المزمور القديم، “فَتْحُ (دخول) كَلاَمِكَ يُنِيرُ..” (مزمور 119: 13). يصعب عليك أن تسير في الطريق وهو مظلم أمامك. لكن في نور كلمة الله، لن تسير أبدًا في ظلمة تحت سيادة إبليس. وبمجرد أن يشرق نور كلمة الله، يأتي الإيمان. فعندما تتغذى على كلمة الله وتتأمل فيها، يتولد النور والإيمان لأن: “الإِيمَانُ نَتِيجَةُ السَّمَاعِ، وَالسَّمَاعُ هُوَ مِنَ التَّبْشِيرِ بِكَلِمَةِ الْمَسِيحِ” (رومية10: 17). فالإيمان بكلمة الله هو دفاعك الأساسي ضد هجمات إبليس على ذهنك وحياتك.

عندئذٍ ينبغي أن تستخدم درع الإيمان. لاحظ ما يقوله عدد 16، “حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ..”. لماذا يقول الكتاب، “فَوْقَ الْكُلِّ”؟ عندما نقرأ بقية العدد سنعرف السبب، “..الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ”. فوق كل شيء، احمل ترس الإيمان؛ لأنك عن طريقه سوف تطفئ سهام العدو الملتهبة التي يحاول أن يصوبها تجاهك.

ينبغي أن تستخدم درع الإيمان كل يوم في حياتك وأثناء حياة صلاتك اليومية. فبينما تصلي سوف يصوب إبليس سهامه الملتهبة إلى ذهنك ليشتت انتباهك حتى تتحول عن الإيمان. لذلك ينبغي عليك أن تطفئ كل سهم من سهامه الملتهبة بدرع الإيمان بكلمة الله.

كما تحتاج أيضًا أن تستخدم درع الإيمان في حياتك اليومية ضد إبليس. لأنه ينبغي عليك أن تثبت في الإيمان بصفة مستمرة، وليس حينما تصلي وحسب. عليك أن تفكر أفكار إيمان وتتكلم كلمات إيمان باستمرار حتى لا تعطي إبليس مكانًا فيك. إن مكثت في دائرة الإيمان بمواعيد كلمة الله، ستكون قادرًا على الصمود أمام إبليس إلى أن يهرب منك.

سيف الروح

ماذا عن سيف الروح؟ هل توقفت من قبل لتفكر في الأمر؟ كل أجزاء السلاح الأخرى هي أدوات دفاعية وتُستخدم للحماية عدا سلاح واحد؛ وهو سيف الروح. إن سيف الروح –الذي هو كلمة الله– هو قطعة السلاح الوحيدة التي تهاجم بها إبليس وتحاربه. لا يمكنك أن تحارب إبليس بالخوذة؛ لأنها تحميك. ولا تقدر أن تحاربه بدرع البر أو منطقة الحق؛ لأنهما للحماية. كما لا تستطيع أيضًا أن تحاربه بترس الإيمان، لأنه أداة للدفاع. لكنك تستطيع أن تحاربه بكلمة الله التي هي سيف الروح. إنها قطعة السلاح الوحيدة التي يذكر عنها الكتاب أنها للهجوم.

ما هي الطريقة الكتابية لتتعامل بها مع قوات الظلمة؟ عن طريق سيف الروح. كيف تعامل يسوع مع إبليس أثناء خدمته الأرضية؟ أولاً، لم يذهب يسوع أبدا ليفتش على إبليس حتى يصنع حربًا معه. حقًا يذكر الكتاب أن يسوع قد جُرب من إبليس (لوقا 4: 1، 2). فعندما جرب الشيطان يسوع ليعيقه عن تتميم خطة الفداء للجنس البشرى، لم يذهب يسوع يصيح وراء إبليس لثلاثة ساعات محاولاً هدم حصون الشيطان. فقد كان محصنًا بالبر والحق، لذلك ثبت في موضعه مستخدمًا سيف الروح الذي هو كلمة الله.

في كل تجربة كان يسوع يجاوب، “مَكْتُوبٌ” (متى 4: 4، 7، 10؛ لوقا 4: 4، 8، 12). لقد اقتبس يسوع بنفسه من كلمة الله مستخدمًا الكلمة كسيف ضد إبليس. وعلى هذا النحو، كان يسوع يحارب أو “يصارع” إبليس. فالسلاح الوحيد الذي استخدمه يسوع ضد إبليس كان الإيمان بكلمة الله. فلم يحارب إبليس بأية وسيلة أخرى. وقد غادر إبليس وهو مهزوم تاركًا يسوع. فإن كان يسوع قد حارب إبليس مستخدمًا كلمة الله، فتلك هي الطريقة التي ينبغي أن نتعامل بها مع إبليس. فقد أظهر لنا يسوع في تلك المواجهة كيف نستخدم سيف الروح كأداة هجومية ضد إبليس. فيسوع هو مثالنا حتى في مصارعته الروحية مع إبليس.

فكر في هذا الأمر: إن لم نعرف كيف نستخدم سيف الروح، فسوف نخسر حتى وإن كانت كل قطع السلاح الأخرى في موضعها. لكن شكرًا لله لأننا نستطيع أن نثبت في الإيمان بالكلمة، مستخدمين سيف الروح لنطعن به إبليس في كل مواجهة متكلمين بكلمة الله قائلين: “مكتوب”.

لماذا يدعو الكتاب المقدس كلمة الله بأنها “سيف الروح”؟ تُستخدم كلمة “روح” و”مسحة” بالتبادل في الكتاب المقدس. يقول الكتاب أن المسحة تحطم النير (إشعياء 10: 27). إن كلمة الله ممسوحة، لذلك نستطيع أن نقول أن سيف المسحة –كلمة الله– يحطم نير عبودية إبليس.

حطم كل نير يقيدك بسيف الروح، سيف المسحة. حرر نفسك من تلك الأمور التي يحاول إبليس أن يقيدك بها حتى تستطيع أن تسير في الحرية التي سبق يسوع واشتراها لك. حرر نفسك باستخدام سيف المسحة الذي هو كلمة الله المقدسة.

قوة دم يسوع

ماذا يعني أيضًا “… تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ” (أفسس6: 10)؟ لا نقدر أن نكون أقوياء في الرب دون قوة الخلاص التي في دم يسوع.

كولوسي 1: 13، 14

13 هُوَ الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَةِ الظَّلاَمِ وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِه

14 الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، أَيْ غُفْرَانُ الْخَطَايَا.

كل ما لنا من بركة وامتياز في فدائنا –متضمنة النصرة الكاملة والنهائية على إبليس– تستند على يسوع وعلى نصرته على الشيطان في الصليب. لدينا نصرة على إبليس بسبب دم يسوع المسفوك. لقد أدرك المؤمنون الخمسينيون القدامى ذلك الحق عن دم يسوع. وكانوا يعلنون الدم في وجه إبليس، فذلك أمر كتابي. فعندما تجيب إبليس بدم يسوع، فأنت تعلن بالفعل عن امتيازات عهد الحماية التي لك ضد العدو (إشعياء 54: 17؛ لوقا 10: 19؛ فيلبي 2: 9، 10؛ كولوسي 1: 13).

رؤيا 12: 11

11 قَدِ انْتَصَرُوا عَلَيْهِ بِدَمِ الْحَمَلِ وَبِالْكَلِمَةِ الَّتِي شَهِدُوا لهَا.

قصَّت إحدى المرسلات عن اختبار رائع يتعلق بقوة دم يسوع في الحماية. كانت تلك المرسلة وحدها في مركز للإرسالية في أحد البلاد الأجنبية وكان هناك نوع مشهور من العقارب في تلك المنطقة. كانت لدغته مميتة ولم يكن أحد ينجو منها.

كانت تلك المرسلة في إحدى القرى ذات يوم عندما لدغها أحد تلك العقارب المميتة. ارتعبت في البداية لأنها كانت وحدها في مركز الإرسالية، وجميع المرسلين الآخرين قد غادروا. ثم سردت قائلة: “لقد ارتعبت في البداية، لكني قلت: ’إني أعلن دم الرب يسوع المسيح على لدغة ذلك العقرب”.

كان سكان تلك المنطقة قد شاهدوها جميعًا، فتوقعوا أن تسقط ميتة. لكنها لم تنتفخ أو تظهر عليها أي علامات التسمم على الإطلاق. فراقبها سكان تلك المنطقة وهى تمضي وتكمل عملها. في الحقيقة، تبعها أهل كل القرية لأنهم كانوا متأكدين أنها سوف تموت.

لم تشعر تلك المرسلة بأي علامات للتسمم. بل اكتفت بأن تعلن دم الرب يسوع المسيح وتثبت في حقوقها المتعلقة بعهد الحماية، فلم تتأذى على الإطلاق (إشعياء 54: 17؛ مرقس 16: 18؛ لوقا 10: 19). وبسبب تلك المعجزة، خلُص معظم سكان تلك القرية.

حقًا، علينا أن نتعامل مع إبليس ومع كل الأمور التي تحاول مهاجمتنا لتضرنا وتحطمنا. لكن توجد لدينا نصرة في يسوع وفى دمه، لذلك دعونا لا نعظِّم من إبليس أو مما يفعله في حياتنا بل نعظِّم النصرة التي لدينا في عهد دم المسيح فوق كل أعمال الشيطان.

محور ‘معركة’ المؤمن تتمركز في ثباته

بمجرد أن تلبس سلاح الله، تصير في وضع الاستعداد لتحتل موضعك في “المعركة” ضد إبليس. مع ذلك، فبسبب نصرة يسوع على إبليس ومكانة المؤمن في تلك النصرة، يحدد لنا الكتاب موضع واحد “للمعركة” ضد إبليس وهو: “وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا” (أفسس 6: 13).

لاحظ كم مرة استُخدمت كلمة “يثبت” في أفسس 6: 11-14، في حين أنه لم تستخدم كلمة “يهاجم” قط. فالروح القدس يحدد موضع المؤمن في معركة الإيمان الحسنة ضد العدو بأن يثبت في الإيمان وفى مواعيد الله. إذ عليه أن يثبت في كلمة الله ضد إبليس.

1– “الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ، لِتَتَمَكَّنُوا مِنَ الصُّمُودِ فِي وَجْهِ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ” (أفسس 6: 11).

2- “لِذَلِكَ اتَّخِذُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ، لِتَتَمَكَّنُوا مِنَ الْمُقَاوَمَةِ فِي يَوْمِ الشَّرِّ، وَمِنَ الثْبُاتُ أَيْضاً بَعْدَ تَحْقِيقِ كُلِّ هَدَفٍ” (أفسس6: 13).

3- ” فاثْبُتُوا متخذين الْحَقَّ حِزَاماً لأَوْسَاطِكُمْ..وَالْبِرَّ دِرْعاً لِصُدُورِكُمْ.. واحْمِلُوا الإِيمَانَ تُرْساً بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُشْتَعِلَةِ ” (ع 6: 14).

إن المكانة التي يحتلها المؤمن ليست موضع صراع، كما لو أن عليه أن يهزم إبليس؛ لأن يسوع قد حسم المعركة بالفعل وانتصر في الجلجثة. لكن في بعض الأحيان يوجد مجهود عنيف أو “صراع” لتثبت في الإيمان في كلمة الله ضد العدو. لكن هذه هي “المصارعة” الوحيدة التي يذكرها الكتاب: لكي تثبت وتقاوم إبليس بسلاح الله الكامل مستخدمًا سيف الروح الممسوح ضده.

يقول الكتاب أن المؤمنين عليهم أن يثبتوا ضد إبليس مرتدين سلاح الله حتى يستطيعوا أن يقاوموه بنجاح في يوم الشر، أي  يوم التجربة والمحنة والاختبار (ع13). فالروح القدس يخبر جسد المسيح أن يوم الشر آت، حينما يهاجم العدو كل واحد منا – سواء رغبنا في ذلك أم لا. لكن يسوع قال: “..سَتُوَاجِهُونَ ضِيْقًا فِي العَالَمِ، لَكِنْ تَشَجَّعُوا فَأَنَا قَدِ انتَصَرتُ عَلَى العَالَمِ” (يوحنا 16: 33؛ 2 كورنثوس 4: 4). ماذا ستفعل عندما يهاجمك إبليس؟ هل ستدعو جميع القديسين ليصلوا لأجلك؟ سيعينك ذلك مؤقتًا. ألم تلاحظ من قبل أنه لا يستطيع مؤمن أن يتصدى لتجارب ومحن إبليس عندما يصلى لأجله المؤمنون وحسب؟ فآجلاً أو عاجلاً سيحتاج كل واحد منا أن يثبت في الكلمة بنفسه ضد حيل إبليس. وإن لم نفعل ذلك، فلن يحدث شيء.

اثبت في الإيمان

بمجرد أن تلبس سلاحك، فأن الموقع الوحيد الذي يخبرك الكتاب المقدس أن تحتله ضد إبليس هو أن تثبت في مواجهته. هذا يتضمن أن تضاعف من هزيمته بكلمة الله. فبولس يخبرنا: “اثبتوا .. اثبتوا .. قاوموه واثبتوا”، لكنه لم يقل أبدًا: “هاجموا.. هاجموا. دافعوا.. شنوا هجومًا مضادًا”. فالغرض من ارتداء سلاح الله هو أن نتمكن من الثبات ضد حيل ومكر وخداع الشيطان. فالكتاب المقدس لا يخبرنا أن نلبس سلاح الله حتى نهاجم إبليس، بل كي نستطيع أن نثبت ضد هجماته بنجاح.

عندما أقول أنه علينا أن ’نثبت في أماكننا‘ فأنا استخدم هذا التعبير بالارتباط بعدونا إبليس. لكن ذلك لا يجب أن يتداخل مع إرساليتنا في أن نذهب إلى كل الأمم ونكرز بالإنجيل (متى 28: 19؛ مرقس 16: 15). فيما يتعلق بالكرازة لكل العالم، علينا أن نذهب ونتحرك. لكن في الإشارة إلى عدونا، علينا أن نثبت في أماكننا. لذلك ففي الحرب الروحية الحقيقية لا نذهب ونفتش عن إبليس. لكن عندما يتحرك، علينا أن نتعامل معه.

لا يوصينا الإصحاح السادس من رسالة أفسس بأن نحارب إبليس، بل أن نلبس السلاح الكامل حتى نستطيع أن نثبت ضد هجماته التي يشنها ضدنا. علينا أن نمسك بسيف الروح ونحارب حرب الإيمان الحسنة ونضاعف من هزيمة إبليس ومن نصرتنا عليه.

يخبرنا الكتاب المقدس بالتحديد كيف نثبت بقوة ضد العدو. نستطيع أن نفعل ذلك بكلمة الله وبثباتنا وإيماننا الراسخ في المكتوب.

1 كورنثوس 16: 13

13 كُونُوا مُتَيَقِّظِينَ حَذِرِينَ. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالاً. كُونُوا أَقْوِيَاءَ.

2 كورنثوس 1: 24

24 لأَنَّكُمْ بِالإِيمَانِ تَثْبُتُونَ.

إن كلمة “يثبت” المذكورة في هذا العدد تعني أن نثابر ونثبت راسخين غير متأرجحين. فموقفك تجاه إبليس هو أن تثبت راسخًا غير متزعزع عن مواعيد كلمة الله لحياتك. عليك أن تثبت راسخًا في إيمان مثابر بكلمة الله.

اثبت في النعمة

حيث أن إبليس عدو مهزوم، صار الأمر يرجع لنا أن تثبت ضده في الإيمان وفى نعمة ربنـا يسـوع المسيـح التـي أعدهـا لأجـلنـا: “إذًا فَلْنَتَقَـدَّمْ بِجُـرأَةٍ إلَـى عَرشِ نِعمَةِ اللهِ، لِكَي نَنَالَ رَحمَةً وَنَجِدَ نِعمَةً تُعِينُنَا وَقتَ الحَاجَةِ” (عبرانيين 4: 16).

رومية 5: 1، 2

1 فَبِمَا أَنَّنَا قَدْ تَبَرَّرنَا بِالإيمَانِ، فَقَدْ صَارَ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيحِ.

2 كَمَا صَارَ لَنَا امتِيَازُ الدُّخُولِ بِالإيمَانِ إلَى هَذِهِ النِّعمَةِ الَّتِي نَعيشُ فِيهَا الآنَ…

لماذا تكلم الروح القدس من خلال الرسول بولس إلي جسد المسيح لكي يثبتوا في الإيمان وفى النعمة؟ لأن كل ما في هذا العالم –بما فيه خصمنا إبليس– سيحاول أن يخرجنا عن دائرة الإيمان ويجعلنا نسير بالعيان وبقوتنا الذاتية. يقول الكتاب: “لاَ شَكَّ أَنَّ هُنَاكَ لُغَاتٍ كَثِيرَةً فِي العَالَمِ، وَجَمِيعُهَا لَهَا مَعنَى” (1 كورنثوس 14: 10). وإن أصغيت لكل الأصوات التي حولك –حتى أصوات الأصدقاء المقربَّين جدًا والخدام واللاهوتيين المشهورين– فربما تتراجع عن السلوك بالإيمان وتكون معرضًا للسلوك بالعيان وما تقوله الظروف. لكن شكرًا لله لأننا ثابتون وراسخون في كلمة الله وفى نعمته. فهذه هي عطية الله لنا لحمايتنا ضد هجمات العدو التي يحاول أن يشنها ضدنا.

إن الإيمان في الله وفى كلمته هو وحده الذي سيمكِّنك من أن تثبت بنجاح ضد إبليس. تقول رسالة كورنثوس الأولى 16: 13، “..كُونُوا مُتَيَقِّظِينَ حَذِرِينَ. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ. كُونُوا رِجَالاً. كُونُوا أَقْوِيَاءَ”. بمعنى آخر، “لا تكن طفلاً في الإيمان، تستسلم بسهولة عندما يهاجمك إبليس. قاومه بكلمة الله”. جميعنا كنا أطفال روحيًا عندما وُلدنا ثانية، لكن الأطفال ينمون باستمرار. لا ينبغي أن نظل أطفالاً في تعاملنا مع إبليس. علينا أن نقاومه حتى يهرب. سيجربك إبليس حتى تشك في الله وفى كلمته. سوف يستخدم الظروف المضادة والامتحانات والتجارب ليفعل ذلك. لكن في وجه كل الظروف المضادة عليك أن تتعلم كيف تثبت راسخًا في كلمة الله. تحتاج أن تنضج روحيًا بأن تتقوى في الإيمان وفي نعمة الرب يسوع المسيح حتى تستطيع أن تثبت بنجاح ضد أكاذيب العدو وخداعه.

اثبت في روح واحد

فيلبي 1: 27

27 فَعِيشُوا بِطَرِيقَةٍ تَليقُ بِبِشَارَةِ المَسِيحِ. حَتَّى إذَا جِئتُ وَرَأَيتُكُمْ، وَجَدْتُكُم ثَابِتِينَ فِي رُوحٍ

وَاحِدٍ، وَمُنَاضِلِينَ مَعًا مِنْ أَجلِ الإيمَانِ الَّذِي تُنَادِي بِهِ البِشَارَةُ.

إن الثبات في الإيمان وفى نعمة الله هو حصن منيع ضد إبليس. لكن الكتاب المقدس يخبرنا أيضًا أنه علينا أن نثبت في روح واحد. فالشقاق وعدم التوافق دائمًا ما يفتحان بابًا لإبليس (يعقوب 3: 16). عندما تقف ثابتًا في وحدة مع المؤمنين مانعًا إبليس من التسلل إليك بخصام أو انشقاق، فهو بذلك لن يجد أي مكان فيك. ربما لا يرى جميع المؤمنين كل الأمور بنفس الطريقة بالضبط لأننا جميعًا في مراحل مختلفة من النمو الروحي. لكن اختلافنا في بعض الأمور الصغيرة، لا يمنعنا من أن نكون بروح واحدة وفى توافق معًا. فعندما يكون المؤمنون بروح واحدة غير سامحين للشقاق والخصام، فإنهم يستطيعون أن يقفوا بثبات أقوياء في وجه إبليس. حتى في وسط الاختلافات، لابد أن يتعلم المؤمنون كيف يثبتوا في روح واحدة إن كانوا يريدون أن يقيموا دفاعًا قويًا ضد إبليس.

إن كنت ثابتًا في روح واحد، فيمكنك أن تختلف في الرأي دون أن تكون حادًا في الطبع. فإن السلوك بالمحبة يغلق الباب أمام إبليس. فعندما تخطوا وتسلك بالروح وتسير بالمحبة فكثير من الأمور التي تعتقد أنها ذات أهمية كبيرة، لن تبدو بهذا القدر من الأهمية. لا ينبغي أن ندع الأمور الصغيرة تُحدث انشقاقًا بيننا. بل دعونا نثبت في روح واحدة.

اثبت في الرب

فيلبي 4: 1

1 فَيَا إخوَتِي الَّذِينَ أُحِبُّهُمْ وَأَشتَاقُ إلَيهِمْ، أَنتُمْ سَعَادَتِي وَمَصدَرُ فَخرِي. اُثبُتُوا فِي الرَّبِّ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ كَمَا تَفْعَلونَ الآنَ بِالفِعلِ.

ماذا يتطلب على المؤمن أن يفعله أيضًا لكي يثبت أمام إبليس؟ يخبرنا الكتاب أنه علينا أن نثبت في الرب. ماذا يعنى ذلك؟ نوجد الإجابة عن هذا الأمر في رسالة أفسس الإصحاح السادس.

أفسس 6: 10

10 أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ.

لكي نثبت في وجه إبليس، فهذا يتطلب وقوفنا في مكانتنا الشرعية في المسيح يسوع.

هل لاحظت أن الكتاب يخبرنا في رسالة أفسس 6: 10 أنه علينا أن نكون أقوياء في ناحيتين: 1) أن نكون أقوياء في الرب. 2)  أن نكون أقوياء في شدة قوته.

لكي تكون قويًا في الرب، فهذا يعني أن تكون قويًا في كلمته. لكن ما هي عظمة قوته؟ إن عظمة قوة الله هو الروح القدس. عندما تقرأ العهد الجديد ستكتشف كيف ذكرت كلمة “قوة” مرارًا كثيرة بالارتباط بالروح القدس. سأذكر فيما يلي بعض من هذه الشواهد:

لوقا 4: 14

14 وَعَادَ يَسُوعُ إلَى الجَلِيْلِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُسِ. وَانتَشَرَتْ أَخبَارُهُ عَبْرَ مَنَاطِقِ الأَريَافِ كُلِّهَا.

لوقا 24: 49

49 وَالآنَ سَأُرسِلُ لَكُمْ مَا وَعَدَ بِهِ أَبِي، لَكِنِ امكُثوا فِي مَدِينَةِ القُدْسِ حَتَّى تُلْبَسُون قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي.

أعمال 1: 8

8 لَكِنْ حِينَمَا يَحُلُّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ تَنَالُونَ الْقُوَّةَ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَالْيَهُودِيَّةِ كُلِّهَا، وَفِي السَّامِرَةِ، وَإِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ.

1 كورنثوس 2: 4

4 وَلَمْ أُقَدِّمْ كَلاَمِي وَرِسَالَتِي بِكَلِمَاتٍ مُقنِعَةٍ مِنَ الحِكمَةِ البَشَرِيَّةِ، بَلْ بِبُرهَانِ الرُّوحِ وَقُوَّتِهِ.

(انظر أيضًا أعمال 10: 38؛ رومية 15: 13، 19؛ 1 تسالونيكى1: 5). لن تستطع أن تكون قويًا في عظمة قوة الله دون أن تمتلئ من الروح القدس وبدون الصلاة. فمن إحدى الطرق لتثبت منتصرًا أمام إبليس هو أن تمتلئ حتى تفيض من الروح القدس. لن تستطع أن تثبت أمام إبليس وأنت وعاء فارغ.

الصلاة الحارة

يعقوب 5: 16

16 إِنَّ الصَّلاَةَ الْحَارَّةَ الَّتِي يَرْفَعُهَا الْبَارُّ لَهَا فَعَّالِيَّةٌ عَظِيمَةٌ.

إلى أي مدى تفيد الصلاة الحارة؟ ما هي سمات القوة المتاحة النابعة من الصلاة الحارة؟ تعطينا الترجمة الموسعة Amplified صورة أكثر وضوحا لمقدار الفائدة النابعة من صلاة البار: “… إن الصلاة الحارة (المُخلِصة – المستمرة) التي يرفعها البار لها فعالية عظيمة (تطلق قوة عظيمة هائلة)” (يعقوب 5: 16). إن صلاة البار الحارة تطلق قوة هائلة فعالة. والآن دعونا نقرأ أفسس 6: 10، 18 مرة ثانية.

أفسس 6: 10، 18

10 … تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ.

18 مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ…

إن قوة الله دائمًا متاحة، لكن الصلاة تطلق هذه القوة وتخرجها إلى الواقع. فالصلاة الحارة المخلصة تُطلق قوة هائلة. وتلك القوة ليست هائلة وحسب، لكنها فعالة أيضًا في عملها. فالصلاة الحارة المخلصة هي الطريق الوحيد لكي يمتلئ المؤمن ويفيض من الروح القدس (الذي هو قوة الله) حتى يستطيع أن يثبت بقوة في وجه إبليس.

بمجرد أن تلبس سلاح الله الكامل وتتشدد في الرب وفى عظمة قوته، عندئذٍ تصبح مستعدًا للصلاة. وعندما ترتدي السلاح، تصير جاهزًا لتُطلق قوة هائلة بمساعدة الروح القدس. وعندما ترتدي سلاح الله الكامل وتتقوى في الروح القدس، فحينئذٍ يقول عنك الكتاب أنك في الوضع الصحيح لتصلي بفاعلية.

كيف ترتبط الصلاة بالحرب الروحية؟ إن المعركة في الحرب الروحية الحقيقية تكون في المقام الأول في ذهن المؤمن وفى جسده. ثم في المقام الثاني أثناء الصلاة وفي دائرة الإيمان. وعادة ما تتحقق النصرة عن طريق الثبات على كلمة الله أثناء الصلاة.

والسبب في أحيان كثيرة لعدم استعدادنا للمعارك في محيط الحياة الطبيعي هو لأننا لا ندخل إلى جو الصلاة ونحارب حرب الإيمان في العالم الروحي. ولكي نصيغها بطريقة أخرى: لم نصلى كما يجب حتى نحافظ على ملء مستمر من الروح القدس. وعندما لا نصلي كما ينبغي، يصبح من السهل على الشيطان أن يلحق الهزيمة بنا عندما يأتي ليمتحنا.

لقـد استغـرق بولـس بعـض الوقت في حديثه عن سلاح الله في أفسس 6: 10- 17 حتى

يجهزنا للعدد الثامن عشر: “مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ”. بمجرد أن تلبس السلاح، ستكون مستعدًا لتصلي بجرأة وإخلاص واستمرار (أفسس 6: 18؛ يعقوب 5: 16). تشير عبارة الصلاة في كل وقت إلى حقيقة عدم الاستسلام في الصلاة بل الاستمرار فيها.

إن الصلاة المذكورة هنا ليست نوعًا معينًا من الصلاة، أو شكل خاص من النشاط الروحي الذي يجب أن يشترك فيه المؤمن، محاولاً أن يجرد إبليس أو يهدم حصون فوق مجتمعات أو مدن أو دول. لكن بولس يتكلم عن أسلوب حياة من الشركة والتواصل مع الله، حتى نتمكن من أن نقاوم حيل وخداع العدو التي يحاول أن يحبطنا بها ويهزمنا. وبمداومة أسلوب حياة الشركة والعبادة في حضور الله، سنتمكن من أن نصلي بفاعلية بكل صلاة وتضرع في الروح.

لا يحث الكتاب المقدس المؤمن أن يشن هجومًا شرسًا على إبليس أو مملكته في الصلاة. كلا، إنما على المؤمن أن يصلي بحرارة لأجل باقي المؤمنين ولأجل الخدام الذين يردون الخطاة. “مُصَلِّينَ فِي كُلِّ وَقتٍ… مِنْ أَجلِ كُلِّ المُؤمِنِينَ” (أفسس 6: 18). تقول ترجمة أخرى لهذا الشاهد: “مصلين بكل أنواع وطرق الصلاة والتضرع في الروح”. لذلك لا يمكن أن يكون الصراع ضد إبليس طوال الوقت في الصلاة أمرًا كتابيًا، لأنك بذلك لا تصلي بكل أنواع وطرق الصلاة.

الصلاة بألسنة ‘قتالية’

إن اتبعت قيادة الروح القدس، فسوف يقودك لتصلى بكل طرق الصلاة وليس بنوع واحد وحسب. لأن الروح القدس يقودك دائمًا في توافق مع كلمة الله. لهذا السبب، فإن أولئك الذين يضخمون من موضوع الصلاة القتالية لا يمكنهم أن يصلوا بكل أنواع الصلاة والتضرع في الروح. يدعون أن هناك مسحة من الروح القدس في الصلاة .. لسان لا يعرفه سوى إبليس وحده، ويُستخدم لمصارعته وشن حرب ضده في الروح.

لكنك لا تستطيع أن تقدم أي سند كتابي يحثنا أن نصلي ضد الشيطان أو نصارعه بالتكلم بألسنة. فلا تُذكر الألسنة مرة واحدة بالارتباط مع إبليس. حتى وإن أعطاك الروح القدس مسحة في الصلاة لتتعامل مع إبليس، فسيكون ذلك تحت قيادة الروح القدس وحسب. لكن لا يمكنك أن تعلِّم الآخرين هذا (1 كورنثوس 12: 11).

بمعنى آخر، لا يمكنك أن تعلن أمام الجميع: “دعونا نحارب إبليس بالألسنة”. إن أعطاك الروح القدس مسحة في الصلاة لتفعل ذلك، فسوف تكون وفقًا لقيادته وليس بقيادة أو توجيه إنسان. كما أنها ستكون في توافق مع كلمة الله.

وهناك دليل آخر يؤكد أن التعليم عن “الصلاة بألسنة قتالية” أو محاولة هزيمة إبليس في الصلاة ليس تعليمًا كتابيًا متزنًا، لأنه يركز الصلاة في “مصارعة” إبليس والأرواح الشريرة في السماويات، بدلاً من العبادة لله الآب. لذلك أصبح الشيطان –لا الله– هو محور اهتمامنا الروحي ونشاطنا.

السبب الرئيسي وراء “الصلاة بألسنة قتالية” هو الاعتقاد بأن تلك الألسنة هي وسيلة للإطاحة بالأرواح الشريرة التي تستعمر السماويات فوق الأرض. إنه أمر حقيقي أن الأرواح الشريرة توجد هناك في السماويات. لكن أولئك الذين يعلِّمون الآخرين أن يصلوا بألسنة قتالية يحاولون أن يستخدموا مساعٍ جسدية ليتمموا عمل روحي.

إن التعليم عن الصلاة بألسنة قتالية يتجاهل ما يقوله الكتاب المقدس عن الألسنة، كذلك عمل الجلجثة المكتمل والمنتهي. لقد كتب الرسول بولس في رسالة كورنثوس الأولى 14: 2 أنه عندما يصلي المؤمن بألسنة، فهو يتكلم بأسرار إلهية لله، كما أنه يعظِّم الله (أعمال 10: 46). كذلك يقول الكتاب أن المؤمن يبني نفسه عندما يصلي بألسنة (1 كورنثوس 14: 4؛ يهوذا 20). كما يتكلم الله في بعض الأحيان للإنسان من خلال موهبة تنوع الألسنة (1 كورنثوس 12: 28). تلك هي الاستخدامات الكتابية لموهبة الألسنة.

لكن هذا التعليم عن “الصلاة بألسنة قتالية” يتجاهل الاستخدامات الكتابية للألسنة في محاولة لجعل التكلم بألسنة شيء نوجهه لإبليس بدلاً من الله. وبهذا يتحول تركيز المؤمنين بعيدًا عن الله ويُثبت على الشيطان. شكرًا لله لأجل الصلاة بألسنة، لكن لا تضيع وقتك في الصلاة بألسنة لتحاول أن تهزم عدوًا هو مهزوم بالفعل. بدلاً من ذلك، فلتخضع للروح القدس وتتركه يستخدمك بينما تصلي بألسنة لتكون بركة للبشرية. هذه هي أكبر طريقة مؤثرة تضم بها أرضًا جديدة لله، وتسبب دمارًا كبيرًا لمملكة الشيطان المظلمة.

هكذا يتضح، أنه لا يوجد نظريًا في الكتاب المقدس أي موضع يعلِّمنا أن نصلي ضد إبليس بألسنة. كذلك أيضًا لا نرى فعليًا في أي موضع في الكتاب المقدس أي مؤمن يفعل ذلك. ففي أي وقت يصلي فيه المؤمنون، فأنهم يصلون إلى الآب السماوي المحب الأمين الذي يسمع ويجيب صلواتنا. فيسوع بنفسه أخبرنا إلى مَن نتحدث إليه عندما نصلى: “..مَهمَا طَلَبتُمْ مِنَ الآبِ بِاسْمِي، فَإنَّهُ سَيُعطِيْكُمْ” (يوحنا 16: 23). هذا التعليم المبالغ فيه عن الصلاة بألسنة قتالية يتجاهل تلك الأدلة الكتابية، جاعلاً من الألسنة شيئًا نفعله ضد إبليس بدلاً من أن نوجهه إلى الله.

وبدلاً من أن يقود هذا التعليم المؤمنين إلى العمق الروحي فأنه يقودهم إلى مبالغات وتجاوزات جسدية لأنه يتمحور في الأساس حول اختبارات بشرية في الصلاة. فهذا التعليم المفرط يقود المؤمنين إلى الخطأ؛ لأنه يركز على ما يجب على المؤمنين فعله ليحققوا النصرة على إبليس، بدلاً مما سبق يسوع وأكمله بالفعل لكل مؤمن في الفداء.

بدلاً من أن يركز هذا التعليم على نصرة يسوع على الشيطان في عمل الصليب المكتمل ويؤكد على مكانة المؤمن المنتصر في المسيح والسلطان الذي وُهب لكل مؤمن، فأنه يركز على الحرب الروحية ويصف المؤمن وهو مهزوم لا يزال مقيدًا يعيش تحت سلطان الشيطان، محاولاً أن يشق طريقة ليهرب إلى موضع النصرة.

إن هذا التعليم لا يؤكد على ما سبق وفعله المسيح، بل على ما يحتاج المؤمن أن يفعله بنفسه لكي يحقق النصرة على إبليس. لذلك فأن ذلك التعليم يحث المؤمن أن “يصيح” و”يحارب” بألسنة لكي يحقق النصرة.

ادرس بنفسك إرشادات العهد الجديد بشأن التعامل مع الشيطان (أفسس 4: 24؛ يعقوب 4: 7، 1 بطرس 5: 9). فعندما يُخضِع المؤمنون أنفسهم لله ولا يعطون إبليس مكانًا في حياتهم فسوف يكونون قادرين أن يقاوموا إبليس على نحو جيد ويثبتوا في كلمة الله ضده.

حينئذ سيهرب إبليس من أمامهم. عندما يقوم المؤمنون بدورهم وحسب، عندئذ يستطيعون أن يتعاملوا بفاعلية مع إبليس ويقاوموه بنجاح بكلمة الله.

في الواقع، لقد أخطأ هذا التعليم الذي يبالغ من موضوع الحرب الروحية في تحديد مكانة المؤمن الحقيقية وفى توجيه بصيرته بصورة صحيحة. فالمؤمن ينبغي أن يمارس سلطانه الكتابي الحقيقي من موضع نصرة وهو جالس مع المسيح فوق كل الرئاسات والقوات، وهو يدرك أنهم مهزومون ومُجرَّدون من سلطانهم.

لكن هذا لا يعني أن نتجاهل أو ننكر وجود حرب روحية حقيقية وكتابية. على سبيل المثال، لا تستطيع الكنيسة أن تتراجع عن التشفع الحقيقي والحرب الروحية الكتابية التي يحثنا الروح القدس عليهما. فلابد لجسد المسيح أن يشارك ويتجاوب مع اظهارات الروح القدس الكتابية الحقيقية ويكون حارًا في الصلاة كما يعلِّمنا الكتاب. ينبغي على الكنيسة أن تُنهِض نفسها لتشارك في الصلاة الحقيقية والتضرع.

حقًا، توجد معارك روحية في الصلاة ينبغي أن نحاربها وننتصر فيها. لكن الحرب أثناء الصلاة هي حرب إيمان. ونحن نحارب تلك المعارك الروحية في الصلاة وننتصر فيها من موضع جلوس مع المسيح فوق كل الرئاسات والقوات، ناظرين إلى أسفل على عدو مهزوم تحت أقدامنا (أفسس 1: 3، 22).

لقد تعرض جسد المسيح لضرر كبير بسبب نقص التعليم الكتابي السليم في هذه الزاوية. فكلمة الله تخبرنا أن الكلمة المقدسة ينبغي أن تسكن وتحلَّ في قلوبنا، “لِتَسْكُنْ كَلِمَةُ الْمَسِيحِ فِي دَاخِلِكُمْ بِغِنًى فِي كُلِّ حِكْمَةٍ..” (كولوسي 3: 16).

عندما تسكن حكمة كلمة الله في المؤمن بغنى فهي تجعله ناضجًا في التعامل بطريقة كتابية مع إبليس. فقد أدى نقص التعليم الكتابي والحكمة الكاملة لكلمة الله إلى ممارسات حمقاء تُمارس بين جسد المسيح مسببة أضرار للمؤمنين. فتلك الممارسات تسبب أذى، لأنها مبالغ فيها وتقود المؤمنين للانحراف إلى أحد جانبي الطريق، مسببة أخطاء.

كذلك يحتاج جسد المسيح أن يكون حريصًا بشأن الخدام الذين يعلِّمون عن طقوس معينة لا تؤيدها كلمة الله. ليس لأن بعض الخدام يعلِّمون عن بعض الممارسات ويظهرونها في خدماتهم، فهذا يعني أن ما يفعلونه صحيحًا وسليمًا كتابيًا.

يحتاج الخدام أن يكونوا حريصين بشأن ما يطعمونه لشعب الله. لقد أوصى بولس تيموثاوس: “اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ..” (2 تيموثاوس 4: 2). يحتاج المؤمنون أن يتعلموا ما تقوله كلمة الله بشأن العدو حتى لا يجهلون مكايد إبليس. ينبغي أن يلازموا الكلمة وليس بعض الآراء أو الاختبارات. يمكن أن تكون بعض الاختبارات مفيدة، إن كانت في توافق مع كلمة الله وحسب. كذلك أيضًا ينبغي أن يحرص الخدام على أن يضعوا أساس كلمة الله أولاً قبل الاختبارات.

تيطس 2: 1

1 تَكَلَّمْ دَائِمًا بِمَا يُوَافِقُ التَّعلِيمَ الصَّحِيحَ.

يحتاج الخدام أن يكونوا حريصين فيما يعلِّمون به عن موضوع الحرب الروحية حتى يكون سليمًا من ناحية العقيدة الكتابية. فالبعض يعلِّمون بأن لديهم إعلانات أضافية عن كلمة الله بشأن الحرب الروحية. لا توجد إعلانات خارج كلمة الله. أي إعلان يأتيك من روح الله لابد أن يكون متوافقًا مع كلمة الله. يزل البعض إلى تعاليم شيطانية عندما يتركون الكلمة. يدَّعون أنهم يتبعون الروح القدس، لكنك لا تقدر أن تتبع الروح القدس بعيدًا عن الكلمة. لذلك ضع الكلمة أولاً ثم الروح القدس ثانيًا.

عندما يتبع المؤمنون ما يدعونه “الروح القدس” ويتركون الكلمة، يعرضون أنفسهم لخداع الشيطان. على سبيل المثال، كان هناك خادم معين كانت لديه خدمة رائعة مؤسسة على كلمة الله ودامت لسنوات. لكن بعد عدة سنوات لاحقة أخبرني صديق لي حضر اجتماعات عديدة لهذا الخادم، أن هناك بضعة أمور ليست كتابية لكنها لم تكن تضاد حق الإنجيل. لكن هذا الراعي قال: “ذهبت ليلة أخرى ووجدت هذا الخادم يخبر عن بعض ’الإعلانات‘ التي جائته”. كان هذا الراعي يعرف ذلك الخادم لأكثر من ثلاثين سنة، وكان ذلك الخادم له سنوات عديدة في الخدمة. لكن لا يهم طول المدة التي قضيتها في الخدمات أو كم من التعاليم الكتابية السليمة التي علَّمت بها في الماضي. إن تحولت عن الكلمة وابتعدت عنها، فأنت تكشف نفسك لخداع الشيطان.

قال لي صديق الراعي: “ذهبت له بعد الاجتماع وقلت: ‘لقد وافقتك على كثير من الأمور الغير كتابية التي قلتها لأنها لم تكن على قدر الأهمية. لكن اليوم قلت بعض الأمور أريدك أن تعطني لها شاهدًا كتابيًا’”.

تذكر أن الكتاب يقول: “..بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ يَثْبُتُ كُلُّ أَمْرٍ” (2 كورنثوس 13: 1). فإن أصغى المؤمنون لذلك الشاهد، لحال دون بنائهم لعقائد في الهواء ووقوعهم في خداع نتيجة استنادهم على شاهد كتابي واحد مقُتطع من سياقه. أجاب ذلك الخادم: “كلا، لن تجد ما أعظ به في هذا الشيء (مشيرًا إلى الكتاب المقدس). إنه إعلان إضافي عن الكتاب”.

عندما يبتعد الشخص عن كلمة الله، فلن أصغي له. لا تبتعد عن الكلمة محاولاً أن تتبع الروح القدس. لن ينجح هذا الأمر. بل ستدخل في دائرة يسهل على الشيطان خداعك فيها. لهذا السبب أخبر بولس تيموثاوس أن يعظ بالكلمة (2 تيموثاوس 4: 2). عندما تضع الكلمة أولاً، ستحفظك في توازن كتابي حتى لا تكون لديك ثغرة عقائدية تسمح بخداع إبليس.

لقد ظللت أخبر الناس لأكثر من خمس عشرة سنة: “افحصوا ما تسمعون الآخرين يعظون به من كلمة الله. وإن لم يكن يوافق الكلمة فلا تقبلوه، حتى وإن كان تعليمي أو تعليم شخص آخر”. ضع اعتبارًا لما تقوله كلمة الله وحسب. ضع كلمة الله أولاً. إني أعارض المبالغات في أي زاوية، لأن التعاليم المبالغ فيها والإضافي على كلمة الله يُحدث ضررًا لجسد المسيح.

نحتاج أن ندرك أنه في كل المواضيع الروحية فأنه يوجد خط رفيع يفصل بين الأمور الروحية الحقيقية، والتعصب والمبالغات. لذلك دعونا نكون مفتوحين لكلمة الله ولروحه حتى ندعه يقودنا ويعلِّمنا لنظل بمنتصف طريق العقيدة ولا ننحرف إلى أحد جانبي الطريق.

لا يهم مقام مَن يعلِّم من كلمة الله. تحتاج أن تدرس الكتاب المقدس بنفسك لتحدد إن كان التعليم الذي تسمعه كتابيًا أم لا. لا تقبل تعليم أي شخص لأنه يدَّعي أنه متعمق كتابيًا. لا تقبل ما يقوله أي إنسان عن أي موضوع كتابي ما لم يطابق ذلك مع كلمة الله.

في الدراسة عن علم الشياطين والحرب الروحية وكذلك عن أية مواضيع كتابية أخرى، كن حريصًا في تفسير ما يقوله الكتاب المقدس عن هذا الموضوع باستقامة (2 تيموثاوس 2: 15). بهذه الطريقة لن تجهل مكايد إبليس، بل بالأحرى ستثبت في الإيمان وتشل خططه في كل موقف. فعندما تطيع الكلمة بدلاً من آراء الناس واختباراتهم وتشترك في الحرب الروحية الكتابية الحقيقية، ستنتصر على هجمات العدو في كل مرة. 

  

نشرت بإذن من كنيسة ريما Rhema بولاية تولسا – أوكلاهوما – الولايات المتحدة الأمريكية  www.rhema.org .
جميع الحقوق محفوظة. ولموقع الحق المغير للحياة الحق في نشر هذه المقالات باللغة العربية من خدمات كينيث هيجين.

Taken by permission from RHEMA Bible Church , aka Kenneth Hagin Ministries  ,Tulsa ,OK ,USA. www.rhema.org.
All rights reserved to Life Changing Truth.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

$